ban غصن الرئيسAdmin
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 06/07/2007
| موضوع: مقالة عن الاتكيت الخميس يوليو 19, 2007 8:15 am | |
| مقالة استاذ عن الاتكيت حبيت تقروها
يسألني كثير من طلابي في الكلية وكذلك بعض أفراد المجتمع عن كلمة " Etiquette " وتعني هذه الكلمة آداب المعاشرة أو آداب السلوك , ونسمع كثيرا من الناس يردد كلمة إتيكيت ويجب عليك مراعاة الأتيكيت , وفلان لا يحترم قواعد الأتيكيت إلى ما هنالك من ما يدور عن الأتكيت وإن فلان عاش في بلاد الغرب ويلتزم بقواعد الأتكيت ويمتدح دائما أهل تلك الديار بمدى تمسكهم بقواعد الأتكيت.
وبلا أدنى شك أن دول أوربا سارعت لتطبيق مبادئ الأتيكيت بهدف الارتقاء بالسلوك للوصول إلى أعلى درجات التقدم الحضاري .
وإن تطبيق مبادئ الأتكيت دليل أكيد على احترام النفس البشرية وتقديرها وإن تطبيق عادات وقواعد السلوك الاجتماعي من الخصال الحميدة وحسن الخلق وفن المجاملة واحترام المواعيد ومراعاة الأسبقية في المناسبات سواء الرسمية أو غير الرسمية كل ذلك حرص الغرب على غرسه في أفراد مجتمعاته وبلا أدنى شك أنه جنى كثيرا من الفوائد من وراء تطبيق فن الأتكيت في تهذيب سلوك مجتمعه الذي قاده إلى الإنتاجية والسمو بروح الفرد هناك , فمن عاش هناك لابد أنه فعلا شاهد احترام الناس للمواعيد وفن المجاملة بين الأفراد ومراعاة الأسبقية ثم آداب الزيارة وآداب الجلوس وآداب الطريق وعدم رفع الصوت عند التحدث كل هذه الصفات بلا أدنى شك حرص عليها الغرب بل شدد على الالتزام بها فتجذرت لدى أفراد مجتمعه وعلّمها في مؤسساته التعليمية وغيرها وعلّمها كبيرهم لصغيرهم .
وأذكر قصة حدثت معي شخصيا أنا وصديق وزميل لنا كنا ندرس في بريطانيا في مانشيستر وبعد الانتهاء من قضاء يوم دراسي أكاديمي مضني وقفنا في أقرب محطة أتوبيس ليأخذنا إلى منازلنا وكان المنتظرون للأتوبيس كثير فكان صفا طويلا من الطلاب وغيرهم ينتظر هذا الأتوبيس والجو بارد جدا وتهطل الثلوج فلما وصل هذا الأتوبيس تسلل زميلي من الصف وركب الأتوبيس قبل دوره وجلس في مقدمة الأتوبيس ولاحظ الجميع ذلك وعندما امتلأ الأتوبيس جاءت امرأة مسنة تتوكأ على عصاها إلى زميلي هذا ونقرته في رأسه وسألته إلى أين أنت ذاهب فقال : إلى كرنغل روود Cringle Road فقالت له : أهل كرنغل روود يجلسون في آخر الأتوبيس حتى يتعلم أن يأخذ دوره الصحيح في الصف في الانتظار فتعلم زميلي ذلك ولازلت أذكره بذلك إلى اليوم متعه الله بالصحة فما أحوجنا إلى تطبيق هذا النوع من تطبيق السلوك فلماذا نسكت على الكثير من مخالفة السلوك وقليل منا من ينكر , فلو ذهبت إلى البنوك وإلى غيرها لوجدت من يأتي ويخالف الجميع محاولا قضاء مصلحته دون اعتبار لمن سبقه إنها الأنانية بأسمى صورها .
ولكن في المقابل كيف استفاد الغرب من فن تطبيق السلوك ؟ بلا أدنى شك أنه استفاد من الحضارات السابقة وأهمها :الإسلام كما أكد ذلك علماء الغرب وفلاسفته حينما أشادوا بعظمة الدين الإسلامي كدين وحيد يجمع بين الدنيا والآخرة وبين مطالب المادة ومطالب الروح .
كل ذلك لاحظه الغرب واستفادوا منه في حياتهم اليومية كما أكد ذلك " محمد إقبال " حين قال : رأيت إسلاما بلا مسلمين في الغرب لأنهم طبقوا صفات الإسلام لما رأى فيها من فوائد عظيمة في حياتهم , فديننا الحنيف الإسلام دعانا إلى التمسك بالخصال الحميدة وحسن الخلق واحترام النفس والغير , هذه الصفات دعانا الإسلام إلى ضرورة التحلي بها عند التعامل كي نتجمل بمكارم الأخلاق مع كل من نلتقي بهم بصرف النظر عن الجنس والدين , أما مجاملة الجيران والضيوف وزيارة المرضى وتقديم التعازي فقد أوصى رسولنا r بضرورة مراعاة حق الجار وإكرام الضيف بقوله :[من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت] .
أما عن زيارة المرضى وتقديم التعازي فكان رسولنا r يزور المرضى ويشهد جنائز المسلمين وتلبية دعواتهم , أما احترام المواعيد – فالقرآن العظيم أكد على احترام المواعيد وعدم التخلف عنها إلا لعذر قاهر خارج عن الإرادة .
وفي حالة التخلف عن المواعيد يجب الاعتذار فقال تعالى:
] وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها [ أما مراعاة حق الكبير والعطف على الصغير أي الأسبقية فقد قال r : [من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه فليس منا] .
أما الزيارة التي لا يحترم كثير من الناس قواعدها وآدابها اليوم فقد أكد ديننا الحنيف على ضرورة الالتزام بآداب الزيارة والاستئذان واختيار الوقت المناسب وتحية صاحب المنزل .
فقد قال تعالى : ] يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون خبير[.
فهل يوجد توجيه رباني في أي مجتمع أو دين كهذا التوجيه والتأديب الرباني .
لقد راعى ديننا الحنيف آداب الحوار وآداب الحديث فأرشد إلى احترام المتحدث إليهم واحترام آرائهم وأفكارهم حتى أنه نهى عن رفع الصوت فقال تعالى: ] إن أنكر الأصوات لصوت الحمير [.
أما الطريق وحقوق المارة فألزم الإسلام أتباعه بها بل جعل فيها الثواب , فغض البصر وإماطة الأذى عن الطريق صدقة كما قال الرسول وأرشد إلى الاحترام المتبادل بين الأفراد ويرى ذلك في أنصع صورة في إرشاد الرسول حيث يقول : (ليسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير) .
ثم كان من أفعال حبيبنا المصطفى خير الورى r إذا لقي أحدا من أصحابه بدأه بالمصافحة ثم أخذ يده فشابكة ثم شد قبضته عليها – فهل هناك سلوك يصل إلى هذا السلوك النبوي فلو طبقه المسلمون اليوم لساد بينهم الرحمة والتآلف والمحبة بدلا عن البغض وقطع الأرحام والجفوة حتى بين الإخوان وذلك لابتعادهم عن تطبيق السلوك الإسلامي الصحيح ولو طبق كافة المسلمون ذلك لسادوا الدنيا ورجع إليهم مجدهم لأن المسلم للمسلم كالبنيان .
إننا بحاجة ماسة إلى تطبيق السلوك الإسلامي الصحيح بين أفراد الأمة ولن يتحقق ذلك إلا عن طريق تعليم ذلك لأبنائنا عن طريق مؤسساتنا التعليمية وتسليط الإعلام لذلك و إبراز الأهمية القصوى للحاجة إلى ذلك بالإضافة إلى الفوائد المترتبة على ذلك
| |
|